أنفاس بريس 24 : بوشعيب اجعيدي
في مشاهد صادمة لا تليق بدولة تعلن أنها في مسار بناء “الدولة الاجتماعية”، تم تسجيل عمليات نقل جماعي لأشخاص في وضعية اضطراب نفسي نحو مدينتي أزمور والجديدة، في سلوك أقرب إلى التخلص منهم منه إلى حماية حقوقهم.
هذه الممارسات، التي تتكرر في الخفاء كلما اقتربت بعض المناسبات أو التظاهرات، تشكل انتهاكًا خطيرًا للدستور وللقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي تعهد بها المغرب عن وعي وإرادة.
فـالفصل 31 من الدستور يضمن الحق في الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية والعيش الكريم، بينما يؤكد الفصل 22 على منع كل أشكال المس بالسلامة الجسدية والمعنوية لأي شخص. وما جرى هو مسّ فاضح بالكرامة الإنسانية، لا يمكن تبريره ولا الالتفاف عليه.
كما أن القانون 65.15 المتعلق بالصحة النفسية يُلزم السلطات بتهيئة مؤسسات متخصصة، وضمان الرعاية الطبية والاجتماعية للأشخاص المصابين باضطرابات نفسية، وليس ترحيلهم عبر الحافلات ورميهم في مدن أخرى بطرق مهينة.
أما على المستوى الدولي، فإن هذه الأفعال تضرب في الصميم مقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اللذين يشددان على واجب الدولة في حماية هذه الفئة وضمان إدماجها بدل استبعادها.
إن القيام بهذه العمليات في قلب فصل الشتاء،وقساوة أجوائه وفي ظروف مناخية قاسية، هو تخلٍّ غير مسؤول عن مواطنين لا حول لهم ولا قوة. وهو موقف يناقض قيم الإسلام في الرحمة والتضامن، ويتعارض مع جوهر المشروع التنموي الذي يضع الإنسان في مركز الاهتمام.
وعليه، فإن الفعاليات الحقوقية والمدنية تطالب بـفتح تحقيق فوري لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية، وبإحداث مؤسسات جهوية وإقليمية للرعاية الاجتماعية والصحة النفسية، تُؤوي مثل هذه الفئة، بدل تركها عرضة للاخطار والتشرد.
إن حبّ هذا الوطن يفرض علينا أن نرفض الإهانة التي تطال أبناءه، وأن نُدين كل ممارسات الترحيل غير الإنساني فكرامة المواطن ليست ترفا، بل واجب مؤسسات الدولة الظاهرة على تدبير الشأن العام مركزيا وجهويا وإقليميا ومسؤولية مجتمع برمته .
إحداث مراكز اجتماعية لإيواء هذه الفئة المتخلى عنها والاهتمام بها مطلب أساسي غير قابل للمزايدة أو التقاعس لأن الأمر يتعلق بصورة البلاد وبكرامة المواطن وهيبة الوطن
أضف تعليق