مجتمع مدني

على هامش حرائق سوريا العالم بحاجة إلى جيوش مدنية إقليمية لمواجهة الكوارث

على هامش حرائق سوريا العالم بحاجة إلى جيوش مدنية إقليمية لمواجهة الكوارث

أنفاس بريس 24: بقلم: أحمد الطلحي / خبير في البيئة والتنمية

بعد 10 أيام من انتشار حرائق غابات اللاذقية، تمكنت قوات الدفاع المدني السورية من إخمادها، وذلك بدعم من الدول المجاورة، أساسا من الأردن ولبنان والعراق وقطر وتركيا، والدعم التقني الأوروبي المتمثل في تفعيل خدمة “كوبرنيكوس” التي وفرت خرائط الأقمار الاصطناعية التي ساعدت في توجيه عمليات التدخل. بالنسبة للخسائر الظاهرة، فقد تجاوزت الأراضي المحروقة 15 ألف هكتارا، بالإضافة إلى الممتلكات الخاصة. فيما الخسائر والأضرار غير الظاهرة، فتتمثل أساسا في الكميات الكبيرة من الغازات الدفيئة التي أنتجتها الحرائق (هذه الغازات التي ستساهم لا محالة في احترار الأرض وما ينتج عنه من تغيرات مناخية، كما أن تقلص المساحات الغابوية يساهم في الاحترار أيضا لأن الغابات تمتص كميات مهمة من غاز ثاني أكسيد الكربون)، وفي فقدان جزء مهم من التنوع البيولوجي للمنطقة، ذلك لأن الغابات تمثل موائل مهمة لأعداد كبيرة من الأنواع الحيوية من الوحيش والنبيت.

ويمكن إرجاع الفضل في التمكن من إخماد هذه الحرائق، بالرغم من فداحة الخسائر، إلى الدعم الدولي الكبير الذي تلقته سوريا. وهذا يدعونا إلى تثمين التعاون الدولي في مجال مكافحة الكوارث الطبيعية.

لكن، هذا التعاون الدولي لا ينبغي أن يكون ظرفيا، وحين وقوع الكوارث فقط، بل يجب أن يرقى إلى تعاون دائم ومهيكل ومقنن، على شكل منظمات أو تحالفات إقليمية.

وأقترح في هذا الصدد تشكيل جيوش مدنية دولية على مستوى كل إقليم في مختلف بقاع الأرض، تكون في جهوزية تامة وتنسيق محكم بين مختلف المتدخلين. وكلمة جيوش اقتبستها في الحقيقة من دعوة سابقة لملك المغرب الراحل الحسن الثاني، حيث دعا فيها إلى تشكيل جيش دولي لمحاربة الجراد.

وهذه الجيوش المدنية الإقليمية لا ينبغي أن تقتصر فقط على التدخل حين وقوع الكوارث، وإنما عليها أن تقوم قبل وبعد ذلك بعدة أمور، من مثل:

– تنظيم دورات تكوينية وتدريبية مشتركة

– تنظيم مناورات مشتركة

– اقتناء آليات وأجهزة في ملكية مشتركة، كأن يتم توفير أسطول مشترك للطائرات المتخصصة في إطفاء الحرائق

– توحيد التشريعات التي تنظم التدخل في معالجة الكوارث

– هيكلة هذه الجيوش هيكلة مرنة مع تجديد القيادات كل مدة معينة

– تخصيص ميزانيات مشتركة لهذه الجيوش

– تنظيم لقاءات لتقييم كل العمليات بمجرد انتهائها …

وهناك تجارب دولية، يمكن الاستفادة من نجاحاتها ومن إخفاقاتها كذلك، على سبيل المثال التعاون الدولي لمكافحة الجراد، من خلال هيئات إقليمية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) مثل: هيئة مكافحة الجراد الصحراوي في المنطقة الوسطى والقوة المشتركة للتدخل ضد الجراد الصحراوي في المنطقة الغربية بإفريقيا.

وأخيرا، هناك قاعدة ذهبية لا أمل من ترديدها والدعوة للعمل بها، وهي: “الدول أكبر من المشاكل الصغرى وأصغر من المشاكل الكبرى”. فالمشاكل المحلية إذا أرادت الدولة بأجهزتها المركزية أن تتدخل لمعالجتها فستغرق فيها وبالتالي لن تستطيع حلها حلا جذريا، لذلك ينبغي أن تترك الأمر للمؤسسات المحلية مثل البلديات والمجتمع المدني المحلي… أما المشاكل الكبرى سواء المشاكل العابرة لحدود الدول في انتشارها المجالي، أو التي تقع داخل حدود الدولة الواحدة لكن الأسباب التي أنتجتها منبعها دول أخرى، أو المشاكل والظواهر العالمية مثل التغيرات المناخية والأوبئة، فإن الدول مهما كانت قوية وغنية فهي لن تستطيع أن تحد منها منفردة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى