اقلام حرة

الجديدة / مازكان تصرخ : أغيثوني أمكنة أثرية تتحول الى حاويات للأزبال

 

متابعة : عزالدين الماعزي

1. مدينة السموم
كان علي مثلا، بعد تعدد زياراتي لمدينة مازكان/ لجديدة من استكشاف أولي وثاني للأمكنة التي أشارت اليها فنانة تشكيلية، غيورة على جماليات “المكان” بأبعده التاريخية ، الأنتروبولوجية ، الثقافية … زارتها سابقا ، هل بالفعل الأمر حقيقي؟ كما وصفت …وعبرت باسى بالغ عن هذه المأساة ، لذلك وجدت هنا صورعدستها المرفقة تنطق سرا و جهرا وبالعربي . الأمكنة معتمة، معفنة ، تنادي من يمربها ، تستغيث وتشير ايماءة التوسل والاستنكار في مناعة وقوة تأثير تبعث لدى المتلقي الاشمئزازو التقزز. وعلى الرغم من أن مازاكان صغيرة في عرف البعض، الا أنها أضحت كبيرة باتساعهاعلى هوامش و ضواحي ما وراء حي المطار ومحطة القطار..
إنها مدينة ملتصقة بالبحرمنغرسة فيه لاحاطته بها من كل جانب، وتنسل منه على شكل لسان الطريق الى سيدي بوزيد، والى شكل قطري طريق مراكش ووداعة ازمور اقصى الشرق الغربي.
هنا لا تبدأ المدينة حياتها الطبيعية الا وسط هرج، بعد سكون معهود كسائر المدن المجاورة ، لا تختلف الا في الحضن الدافئ للبحر، وشريط الرمال المنهوبة “على عينيك يا بن عدي” وغابات في طور الانقراض، و ما يفسد جمالية العمارة لمازاكان ، كمدينة مغربية أثرية عريقة لها تاريخها ونفسها الاستيتيقي الممتد عبر عصور خلت… هو زحف البنايات الاسمنتية والفضاءات العشوائية التي لا تحترم معالم وخصوصيات سياسات البناء و التعمير للمدن المغربية. وما يجثم على أنفاسها، التلوث بسبب كثرة النفايات وانعدام عقلنة وحسن تدبير التخلص منها، اضافة الى السموم الناتجة من مركب الفوسفاط الكيماوي ومصنع الادوية والحليب ولخميرة …دون أدنى مراعاة لشروط السلامة الصحية للساكنة، و الحرص على بيئة بمعايير المسوى الذي ينادي به شعار اليوم العالمي للبيئة.
٢ . اغتيال البيئة
لتعود قضية المحافظة على البيئة على المحك انسجاما مع اليوم العالمي للبيئة أوائل يونيو الذي انقضى في صمت مطبق تحت انظارنا …وانظار المهتمين بالشأن المحلي، وبين السبب الذي يبطل العجب، توصلي بصور من زائرة للمدينة تتأسف فيها للحالة التي وصلت اليها السياحة في المدينة حاليا، من حيث الازبال والنفايات في الشوارع والازقة والساحات وفي مختلف الامكنة السياحية… التي هي محل رواج وعدم اهتمام واهمال تام بحجم وضعها في اماكن القمامة ، كرسالة وبعمل فردي او جماعي او كثقافة سيئة بدأت تسود للأسف في عالم جديد، يتغير فيه كل شيئ عندنا ولا يتغير تفكير المسؤولين الا بالاسوء وبالتالي ينعكس الامر على المواطنين ، (جنب العمارات حدث ولا حرج… وقبالة المنازل والدور او الفيلات او الشوارع الواسعة والضيقة… وحتى امام الدكاكين وجوار المقاهي، واماكن عرض السلع والخضر وقرب محطة المسافرين في تحد و تعد صارخ مستهتر بكل القيم ..
إن الاهتمام بالبيئة التي تهدد حياتنا وحياة غيرنا هو المفتاح السحري لفتح آفاق سياحة كبرى، ترتكز على أوراش تخدم الزائر والسائح بمرجعية و سجل الصورة الحقيقية للمدينة ،التي اتسمت بمسحة الجمال حلة النظافة مطلع السبعينيات والثمانينيات وصيتها آنذاك كمنتجع سياحي . .. بسيطة في تركيبتها الاجتماعية … لكنها جذابة للأسر والعائلات المغربية والاوربية .و يستدعي الحفاظ على جماليتها تبني سياسة شاملة وكلية ، متفاعلة بين كل التركيبات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، لخلق فرص الاستثمار الى جانب التمتع بالراحة والاستجمام .
إن صور المعالم التاريخية المنهارة، كأيقونات جمالية متفردة و نادرة، لها اهميتها ودورها ورمزيتها وقيمتها و دلالتها لدى ساكنة المدينة ، وتشكل قطبا سياحيا للزائرين المحليين والأجانب … مثلا ، (لاحظ الصور المرفقة) متواجدة في زقاق لم يعد ضيقا مؤدي من شارع رئيسي منطلقه بوابة صاحب سمك الى شارع آخر رئيسي يؤدي الى مؤسسة تعليمية معروفة، فرغم اصلاحه لا زالت جدرانه متآكلة وبعض أبوابه آيلة للسقوط ، رغم رمزيتها ودلالتها وحمولتها الفنية والتاريخية وللأسف تحتضر في بؤس واهمال ..
٣ . محاربة ظواهر مستفحلة
فمن يهتم بها يا ترى كمآثر تاريخية ؟ مع العلم انها مكان مهمل، ويضم حديقة وبناية مهجورة أضحى مسكنا عشوائيا للمتسولين والمتشردين، وعرضة للانتهاكات في عز الليل، مما يدفع الى الادانة والاستنكار… و المطالبة بضرورة اغاثة هذه المعالم من الاهمال وأكوام النفايات المكدسة على عتباتها التاريخية …الى جانب معالم اخرى بالمدينة كبنايات قديمة عبارة عن فنادق كانت مصنفة، واخرى تاريخية بالحي البرتغالي او بحي القلعة مثلا، آيلة للسقوط في اي لحظة تستدعي اصلاحها وفق معاييرهندسية تاريخية ، تخدم جمالية وعمق ذاكرة محلية ووطنية ..
يدفعنا التساؤل ما الذي حدث للمدينة ؟ مدينة الاحلام والشاطئ الذهبي ولساكنة المدينة ولمسؤوليها؟ وما الذي يشغلهم للانشغال عن الالتفاتة الى كنوزها التاريخية و الجمالية ..؟ حتى أصبحت لا مستقبل لها بعد الاستهتار الحاصل والاهمال والانكار من الكل ..؟
هل نستطيع أن نخمن الان ما الذي سيحدث بعد ربع ساعة او اربع وعشرين او سنة او اكثر؟ او الى ما ستوصلنا الوقائع والنتائج الكارثية لتفاقم وتداخل عنصر البداوة مع اللوبي المالي الفاسد ، بوعي او بدونه ؟ وهل هناك استراتيجية صارمة للحد من المشكل؟ مع ضرورة الانتباه ومحاربة بعض السلوكات التي تهدد الطبيعة والبيئة …دون اغفال مسؤولية و دور العنصر البشري في المحافظة على جمالية و بيئة مازاكن و ضواحيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى