أنفاس بريس 24 : بقلم : اجعيدي بوشعيب
تتجه الأنظار اليوم نحو وزارة الداخلية وهي تخوض سباقا مكثفا لمراجعة النصوص القانونية المنظمة للعملية الانتخابية قبل استحقاقات 2026، في لحظة وطنية تتسم بتراجع الثقة واتساع الهوّة بين المواطنين والمؤسسات المنتخبة. فبينما تعمل الوزارة الأم على تحيين وتعديل مجموعة من المواد المرتبطة بقانون الانتخابات، يتساءل الشارع المغربي بحدة: هل ستذهب هذه الإصلاحات إلى المدى المطلوب أم ستظل مجرد معالجة سطحية لا تمسّ جوهر الأعطاب التي نخرت المنظومة السياسية؟
السنوات الأخيرة حملت الكثير من المؤشرات المقلقة ،اتهامات بالفساد، تضارب المصالح، استغلال النفوذ، وملفات لمنتخبين تورطوا في ممارسات أضرت بمصداقية العمل السياسي محليا ووطنيا. وقد أدت هذه الاختلالات إلى إجهاض العديد من الحقوق الأساسية التي نص عليها دستور المملكة، من صحة وتعليم وشغل وعيش كريم، ما دفع شرائح واسعة من الشباب عبر ربوع الوطن إلى الاحتجاج والتنبيه إلى ضياع حقوق أسر كاملة بسبب سوء التدبير والتسيير والتلاعب في تدبير الشأن المحلي.
إذ لم يقتصر الأمر على الشارع، فالمؤسسات الرسمية نفسها، وفي مقدمتها المندوبية السامية للتخطيط، نبهت و دقت ناقوس الخطر عبر تقاريرها التي كشفت عن اختلالات بنيوية عميقة، من تدهور القدرة الشرائية إلى اتساع الفوارق الاجتماعية وارتفاع مؤشرات الهشاشة. وهي مؤشرات تُحمّل جزءا مهما من المسؤولية لنخب سياسية في مواقع القرار المحلي والمركزي لم تتمكن من الارتقاء إلى مستوى انتظارات المواطنين.
ولهذا تبدو انتخابات 2026 محطة مفصلية ستحدد مستقبل الممارسة الديمقراطية برمتها بعيدا عن- لغة التبخيس ومجراته- فإما أن يتم تطهير الحقل السياسي بإبعاد كل المدانين في نهب المال العام والقطع بشكل جدري مع تضارب المصالح، وإما أن تستمر نفس الوجوه ونفس الممارسات في إنتاج نفس الأعطاب. ينتظر المغاربة اليوم ترسانة قانونية شجاعةوواضحة ، لا تخضع للمساومات، قادرة على ضمان منافسة نزيهة وحكامة شفافة، وتؤسس لمسار جديد يعيد بناء الثقة المفقودة بين المواطن والمؤسسة.
إن الجبهة الداخلية اليوم على المحك، ولا مجال للمجاملات السياسية أو الحسابات الضيقة والترضيات الريعية ،فالوطن يحتاج إلى قرارات جريئة تتفاعل مع المطالب الاجتماعية، وتستجيب لانتظارات المواطنين الذين سئموا سياسة التسويف والتأجيل والبرامج غير المفعّلة. ويبقى السؤال المطروح بإلحاح:
هل ستتجه وزارة الداخلية فعلا نحو خيار التطهير الانتخابي الشامل؟ أم أن استحقاقات 2026 ستسقط في فخ إعادة إنتاج العبث ذاته بفعل تغول أصحاب المصالح والريع ؟
أضف تعليق